moh5445 عضو جديد
عدد الرسائل : 20 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 08/11/2008
| موضوع: إنهم المتسلقون الجمعة نوفمبر 14, 2008 7:16 pm | |
| ذكر أن رجلا سقط في حفرة فكان الناس يأتون إليه ويقول ناولنا يدك ، فيأبي ولا يرد عليهم بينما هو يتألم في أسفل الحفرة ، فجاء رجل حكيم وغيّر له الحديث فقال : خذ يدي ، فمد الرجل التعيس يده وأمسك بها المنقذ وأخرجه من حفرته . أتذكر تلك القصة كلما مرّ عليّ ذلك الصنف من الناس ؛ ذلك الصنف الذي لا يعترف بالإنسانيا ت ولا يعرف إلا الماديات ، يمحور نفسَهُ حول نفسِهِ ، كلُّ شيء في الكون يجب أن يصبَّ في مصالحه الخاصة ، ويستفيد منه ، لا يقبل أن يهدر دقيقة ما لم تكن في مصلحته ، هو الممجَّد هو المخدوم هو محطُّ النَّظر ، أعماله مقدمة على غيره ، حتى وإن زرته لله يجب عليك أن تخدمه خدمة ما ، فليس عنده ما يضيعه في ملاطفتك ، حتى حديثك إذا لم يكن فيه ما يفيده فلا تتعب نفسك ، هو لا يريد أن يسمع إلا ما يخدم مصلحته فقط . أنت في زيارته أو هو في زيارتك يجب أن يسير كلُّ شيء لمصلحته ، ومصلحته فقط . لا يقبل أن يستفيد أحدٌ شيئا من وراء عمل هو طرف فيه حتى ولو كان هذا العمل في مصلحته ، لأنه سيصفعك بسؤال : ماذا تستفيد أنت من وراء ذلك ؟!! حتى لو كنت مصلحا محبا للخير والسلام فقط . هؤلاء الناس نواجههم دائما ، ودائما يكونون على أطراف حياتنا اليومية ، فقد يكون زميلك في العمل ، فيظل رابضا ، لا يقدر زمالتك له ، ينتظر ويتحين الفرصة لنقض على أعمالك ليسخرها له ويكسب هو من ورائها ، ويلمع نفسه أمام الرؤساء من خلال عملك ، فربما يكون لك عمل مميز تجده يتدخل ، ويحشر نفسه معك ، ثم عند العرض على المسؤول يكون حاضرا يدعي ويوحي بما قام به في العمل وهو لم يعمل أكثر من شرحه وتعليقه أمام المدير ،وربما يكون له حضوة عند المدير فيسأله عن أعمال زملائه فيبدي بلؤم وصفاقة رأيه ، ليس القصد الموضوعية وإنما بكلام يوحي أنه هو الأفضل ، يسخر هذا الموقف لمصلحته . وربما يكون مديرك في العمل فيستغل طاقتك وإخلاصك وجهدك ليس لأن العمل يريد ذلك ولكن لعمل يريد أن يلمع به نفسه في مكان آخر ، وهذا العمل زائد على العمل الأصلي ، وربما يكون أستاذك في الجامعة ، يدرك ملكتك ويعرف إصرارك وجهدك فيستغل ذلك لتقوم بعمله دونه . والمصيبة العظمى عنما يكون صديقك ؛ ويأتي بعمل كتابي مثلا ويطلب منك مراجعته ، لا يهمه وقتك الثمين الذي ستضيعه في مراجعة عمله ، ولا يسأل هل سيثقل بهذا العمل عليك أم لا ؟ بل قد يعتقد في نفسه أن لك الشرف العظيم بأن منحك كتابه لتراجعه له أو تحمل عنه فيه ما يعجز هو عنه ، ويعرضه عليك ليس على سبيل الاستفادة بل على سبيل الابتزاز فأنت تملك ـ في نظره ـ الوقت الذي سيحمل عنه عبئا وسيسخرك لهذا ، أو لأنك تملك مالا يملك فلماذا لا يستغل موهبتك أو مهارتك أو ممتلكاتك لمصلحته ، ويظنك تغفل عن ما يدور داخل نفسه . ويطلب منك حتى طباعة موضوعه ؛ لأنه لا يريد أن يخسر حبر طابعته ، أو ليس لديه الوقت لإضاعته في طباعة أوراقه ، أو ربما بما أنك ستصحح أو تراجع أوراقه فعليك أن تطبعه له . المهم أن يستفيد . ينظر إلى سيارته الجميلة الجديدة مثلا ويقول : كيف أسير بها في الشوارع فقد تصرف وقودا وقد أعرضها للمخاطر ، سأذهب إلى فلان وبطريقة ذكية أطلب منه الذهاب إلى مكاني الذي أريد لن أحسسه بأن لي مصلحة ولكن سأغريه بالذهاب ، ويشرب المقلب ، ويظن أن صديقه في غفلة عما يدور في خلده . يورد حديثا له مغاز كثيرة ينْصِبُ من خلاله شباكا وأفخاخا ليوقع فريسته عفوا صديقه في فكرة تخدمه من قريب أو من بعيد . لا يستطيع النظر من نافذة نفسه على الخارج ليرى الأخرين ، ينظر فقط لداخل نفسه فقط ، لا يهتم حتى بنظر الآخرين له ، ولا يرى في أعين الآخرين منظر الإحباط من تصرفاته الرعناء ، ولا يلمس أثر تصرفه وكلماته على مشاعر الآخرين ، فهو بنفسه مشغول عن النظر إلى الآخرين ، بل يستطيع أن يفلسف لك ما صنعه بهم ، ويخرج نفسه سالما بل ربما حتى ضحية ، وإذا كان الآخرون حساسون ـ في نظره ـ إلى هذه الدرجة التي ستستوقفه لمحاسبته على إساءته لهم ؛ فهم في هذه الحال ليسوا جديرين بصحبته ، سينتقل إلى من لا يحاسبه ليمكنه من استغلاله ، لا يهمه إن كان الرجل كريما ويستغل كرمه ، أو ضعيفا ليستغل ضعفه ، أو غافلا ويستغل غفلته . الذي يهمه فقط أن يستفيد ويستفيد هو فقط ، ويتصرف خلال عمله الذي يستفيده بحرية ، وعدم ضغوط لا فكرية و لا أخلاقية ولا اجتماعية . يقف الكرماء في حيرة مع هذا الصنف من الناس كيف يوصلون رسالتهم الصارخة في وجوه هذه الشريحة البشعة من الناس والكرماء تعلموا مع كرمهم الصبرّ والحلمَ ، وقيمهم تمنعهم من سلوك الصفاقة التي تسلكها هذه الشريحة ، كيف ومتى يتخلَّص الكرماء من شخصياتهم ليعيشوا ولو لمرة واحدة خارج طهرهم وإنسانيتهم ، ليصبحوا وحوشا كاسرة ، عديمة الفهم كهؤلاء ليقولوا لهم : متى تستحون ؟!!!! أو ليقولوا لهم انظروا ماذا تفعلون من وجهة نظرنا . | |
|